الوضع الراهن يتسم بوضع ازمة متفاقمة يتقاسم مسؤوليتها تقريبا الجميع لكن هناك تراتبية في قدر المسؤولية و بالتالي تراتبية في مسؤولية الحل. السمات العامة للازمة تتمثل في ما يلي:
-حكومة فشلت و تفشل في الحكم. فشلت في كسب ثقة عموم الناس و فرض هيبة الدولة بل استجراء الحكومة الايطالية من خلال أحد وزرائها العنصريين للحديث عن امكان ارسال قوات اجنبية لسواحلنا (و هو الأمر الذي يمكن أن يحصل شيء شبيه له لو تواصلت موجات الهجرة غير المسبوقة في ظل اغياب الامني). الحكومة وصلت الى هذا الوضع بسبب ممارساتها قبل تأثير أي عوامل أخرى خارجة عنها: خاصة مبادرتها الى شراء صمت قوات الأمن بزيادات في الاجور مما أدى الى استنفار قوى اجتماعية مختلفة أصبحت تريد أيضا الزيادة في الاجور بما شوه أجندة الثورة و خلق وضعا مناسبا للفوضى. هي مسؤولة أيضا بائتلافها السياسي المحدود الذي أصر على اقصاء قوى سياسية و نقابية. هذا الائتلاف الذي حافظ على الخطوط العامة لائتلاف حكومي كان سيتم منذ 13 جانفي تحت اشراف بن علي. و حتى حكومة 27 جانفي حافظت على هذا الائتلاف و لم تتوسع لتضم قوى سياسية و نقابية خارجه مع تطعيمها ببعض الوجوه "المستقلة" ("التكنوقراط") فعلا (الراجحي و الجلالي و لزهر القروي الشابي مثلا) أو ظاهريا (مجموعة حكيم القروي). يضم ائتلاف 13 جانفي: "التجمع" في وجهه القديم (الغنوشي-المبزع، عفيف شلبي) و الجديد المرتقب (مجموعة حكيم القروي التي أرجح أنها ستنضم الى "التجمع" في شكله القادم)، نجيب الشابي ("الديمقراطي التقدمي")، و أحمد ابراهيم ("التجديد" و متعاطفين معه: مثلا السيدة ليليا العبيدي قريبة من أوساط "التجديد). أيضا هذا الائتلاف الحكومي تسبب في مزيد زعزعة ثقة الناس فيه من خلال بعض الاختيارات على مستوى التعيينات. وزير الخارجية (المستقيل) مثلا و لكن خاصة قائمة الولاة التي هيمنت عليها وجوه "تجمعية" ناشطة و ليس بمجرد "البطاقة" و أيضا كانت منخرطة في مسؤوليات جهوية حامت حولها شكوك بالفساد. يجب أن أضيف هنا الحديث المتواصل و الذي لايزال يستحق تحريا عن دور بعض الوجوه القديمة في مشاروات الساحة السياسية و هو اسلوب سياسة الكواليس و "التكمبين" غير الصحي
أزمة الثقة في هذه الحكومة هي حقيقة يجب على الجميع الاعتراف بها من الحكومة و مساندي الحكومة او غيرهم. عدم الاعتراف بهذا الواقع الموضوعي سيجعل من المستحيل علينا التقدم الى الامام بل الوضع سيتفاقم بما يهدد مكاسب الثورة.
-أطراف مختلفة مستعدة و ترغب في استعمال العنف و نشر الجريمة و استغلال الفراغ الأمني. هذه الأطراف: مراكز قوى سياسية "تجمعية" و أمنية تخشى من انتهاء نفوذها و لكن أيضا جيوب اجرامية توجد في أي مجتمع و أي حالة فوضى. هذه الاطراف ستقوم بنشر الخراب و الفوضى في جميع الأحوال لكن ضعف الحكومة (تصميما و رؤية) هو الذي يجعلها أقوى و أكثر قدرة على ما تريد فعله.
-القوى السياسية و النقابية و الحقوقية التي شملها الاقصاء من ائتلاف 13 جانفي و التي رد بعضها الفعل بطرح برامج لا تحظى بالاجماع و لا بدعم قوة حاسمة في الشارع و لا أيضا بامكانية التطبيق في الظرف الضبابي الراهن بالنسبة لبعض هذه البدائل اي خيار المجلس التأسيسي و الانتخابات التشريعية الفورية. ربما خيار "مجلس حماية الثورة" أكثر فرصة للتطبيق لكن أهم شروطه السياسية لم تقم بعد. و أهم هذه الشروط هو وعي جميع هذه القوى بأن ائتلافها يجب أن يكون حول خطة سياسية براغماتية لتحقيق الانتقال للديمقراطية و ليس على أسس ايديلوجية ("تقدمية") تريد التكلم عنوة باسم الثورة و الوصاية عليها.
-القوى الشعبية و الشبابية التي قامت بشحن و تحقيق هذه الثورة و التي استكانت للأسف للصمت بعد اعتصام القصبة. هذه القوى سواء متمركزة في الجهات الداخلية أو الاحيائء الشعبية هي الضمان الوحيد لتحقق الانتقال نحو الديمقراطية. و أخطر ما يمكن أن يحصل أن تشعر باليأس و تلتجئ للفرجة و السلبية.
بناء على الأربعة نقاط أعلاه يمكن أن نرى ملامح خريطة طريق انتقالية، طريق ثالث بين (أو الحقيقة يجمع بين) القوى المتمترسة في الحكم و الأخرى الموجودة خارجه. ما نحتاجه مجموعة من الخطوات الحاسمة و الفورية التي تحدث الرجة النفسية المطلوبة ليستفيق الجميع من حالة التوهان الراهنة. و يمكن أن تتمثل هذه الخطوات في الآتي:
-الدعوة لمؤتمر انقاذ وطني يضم ممثلين عن الحكومة بشقيها السياسي و التكنوقراطي (بما في ذلك قيادة الجيش) و مختلف القوى السياسية و النقابية و الحقوقية التي بقيت خارج الحكومة. مؤتمر يستمر لأيام معدودة و يجب أن يخرج بتشكيلة حكومية جديدة و قائمة جديدة للولاة و إجراءات أمنية عاجلة لضمان الأمن و فرض هيبة الدولة في الداخل و في المناطق الحدودية. تحديد مشروع انتقالي توافقي في ظرف زمني محدد و اقامة الهيئات التي تضمن سير و تنفيذ هذا المشروع الانتقالي. يجب أن تعلم جميع القوى الآن أن لا أحد منها لديه القدرة على فرض رؤيته و لا أحد منها سيستفيد من وضع الانفلات و التعفن المتزايد للوضع القائم. و أن فقط مكاشفة شفافة و ليس في الكواليس من مراكز قوى غير معروفة هي الحل المناسب للجميع
-تشكل القوى الشعبية و الشبابية لجانا مدنية جديدة تحت إشراف وزارة الداخلية و وزارة الدفاع لملئ الفراغ الأمني و ضمان سير الحياة العادية (من منع عمليات السطو و الانتصاب الفوضوي الى جمع الفضلات) هذا إلى أن تسترجع مؤسسات الدولة. هذه اللجان المدنية هي ضمان روح الثورة و يجب أن تعيد إقامة اعتصام مطول و كبير في قلب العاصمة لو فشلت القوى السياسية في ايجاد صيغة توافقية.
-تجند الجميع قوى الثورة و الاعلام لشن حملة اعلامية و ميدانية ضد الانتهازيين و الميليشيات الاجرامية التي تريد فرض أجندة استهلاكية للثورة. أجندة توزيع الغنائم و تقسيم الكعكة.
الفرجة و السلبية و عدم القيام بأي شيء سيرجعنا الى نقطة الصفر. القوى المضادة للثورة هي أحيانا القوى المعادية علنا للثورة و هي أحيانا الأكثر تكلما باسم الثورة و لكن هي أحيانا أخرى القوى الأكثر سلبية
بقلم:Yassine Abdelkefi
-حكومة فشلت و تفشل في الحكم. فشلت في كسب ثقة عموم الناس و فرض هيبة الدولة بل استجراء الحكومة الايطالية من خلال أحد وزرائها العنصريين للحديث عن امكان ارسال قوات اجنبية لسواحلنا (و هو الأمر الذي يمكن أن يحصل شيء شبيه له لو تواصلت موجات الهجرة غير المسبوقة في ظل اغياب الامني). الحكومة وصلت الى هذا الوضع بسبب ممارساتها قبل تأثير أي عوامل أخرى خارجة عنها: خاصة مبادرتها الى شراء صمت قوات الأمن بزيادات في الاجور مما أدى الى استنفار قوى اجتماعية مختلفة أصبحت تريد أيضا الزيادة في الاجور بما شوه أجندة الثورة و خلق وضعا مناسبا للفوضى. هي مسؤولة أيضا بائتلافها السياسي المحدود الذي أصر على اقصاء قوى سياسية و نقابية. هذا الائتلاف الذي حافظ على الخطوط العامة لائتلاف حكومي كان سيتم منذ 13 جانفي تحت اشراف بن علي. و حتى حكومة 27 جانفي حافظت على هذا الائتلاف و لم تتوسع لتضم قوى سياسية و نقابية خارجه مع تطعيمها ببعض الوجوه "المستقلة" ("التكنوقراط") فعلا (الراجحي و الجلالي و لزهر القروي الشابي مثلا) أو ظاهريا (مجموعة حكيم القروي). يضم ائتلاف 13 جانفي: "التجمع" في وجهه القديم (الغنوشي-المبزع، عفيف شلبي) و الجديد المرتقب (مجموعة حكيم القروي التي أرجح أنها ستنضم الى "التجمع" في شكله القادم)، نجيب الشابي ("الديمقراطي التقدمي")، و أحمد ابراهيم ("التجديد" و متعاطفين معه: مثلا السيدة ليليا العبيدي قريبة من أوساط "التجديد). أيضا هذا الائتلاف الحكومي تسبب في مزيد زعزعة ثقة الناس فيه من خلال بعض الاختيارات على مستوى التعيينات. وزير الخارجية (المستقيل) مثلا و لكن خاصة قائمة الولاة التي هيمنت عليها وجوه "تجمعية" ناشطة و ليس بمجرد "البطاقة" و أيضا كانت منخرطة في مسؤوليات جهوية حامت حولها شكوك بالفساد. يجب أن أضيف هنا الحديث المتواصل و الذي لايزال يستحق تحريا عن دور بعض الوجوه القديمة في مشاروات الساحة السياسية و هو اسلوب سياسة الكواليس و "التكمبين" غير الصحي
أزمة الثقة في هذه الحكومة هي حقيقة يجب على الجميع الاعتراف بها من الحكومة و مساندي الحكومة او غيرهم. عدم الاعتراف بهذا الواقع الموضوعي سيجعل من المستحيل علينا التقدم الى الامام بل الوضع سيتفاقم بما يهدد مكاسب الثورة.
-أطراف مختلفة مستعدة و ترغب في استعمال العنف و نشر الجريمة و استغلال الفراغ الأمني. هذه الأطراف: مراكز قوى سياسية "تجمعية" و أمنية تخشى من انتهاء نفوذها و لكن أيضا جيوب اجرامية توجد في أي مجتمع و أي حالة فوضى. هذه الاطراف ستقوم بنشر الخراب و الفوضى في جميع الأحوال لكن ضعف الحكومة (تصميما و رؤية) هو الذي يجعلها أقوى و أكثر قدرة على ما تريد فعله.
-القوى السياسية و النقابية و الحقوقية التي شملها الاقصاء من ائتلاف 13 جانفي و التي رد بعضها الفعل بطرح برامج لا تحظى بالاجماع و لا بدعم قوة حاسمة في الشارع و لا أيضا بامكانية التطبيق في الظرف الضبابي الراهن بالنسبة لبعض هذه البدائل اي خيار المجلس التأسيسي و الانتخابات التشريعية الفورية. ربما خيار "مجلس حماية الثورة" أكثر فرصة للتطبيق لكن أهم شروطه السياسية لم تقم بعد. و أهم هذه الشروط هو وعي جميع هذه القوى بأن ائتلافها يجب أن يكون حول خطة سياسية براغماتية لتحقيق الانتقال للديمقراطية و ليس على أسس ايديلوجية ("تقدمية") تريد التكلم عنوة باسم الثورة و الوصاية عليها.
-القوى الشعبية و الشبابية التي قامت بشحن و تحقيق هذه الثورة و التي استكانت للأسف للصمت بعد اعتصام القصبة. هذه القوى سواء متمركزة في الجهات الداخلية أو الاحيائء الشعبية هي الضمان الوحيد لتحقق الانتقال نحو الديمقراطية. و أخطر ما يمكن أن يحصل أن تشعر باليأس و تلتجئ للفرجة و السلبية.
بناء على الأربعة نقاط أعلاه يمكن أن نرى ملامح خريطة طريق انتقالية، طريق ثالث بين (أو الحقيقة يجمع بين) القوى المتمترسة في الحكم و الأخرى الموجودة خارجه. ما نحتاجه مجموعة من الخطوات الحاسمة و الفورية التي تحدث الرجة النفسية المطلوبة ليستفيق الجميع من حالة التوهان الراهنة. و يمكن أن تتمثل هذه الخطوات في الآتي:
-الدعوة لمؤتمر انقاذ وطني يضم ممثلين عن الحكومة بشقيها السياسي و التكنوقراطي (بما في ذلك قيادة الجيش) و مختلف القوى السياسية و النقابية و الحقوقية التي بقيت خارج الحكومة. مؤتمر يستمر لأيام معدودة و يجب أن يخرج بتشكيلة حكومية جديدة و قائمة جديدة للولاة و إجراءات أمنية عاجلة لضمان الأمن و فرض هيبة الدولة في الداخل و في المناطق الحدودية. تحديد مشروع انتقالي توافقي في ظرف زمني محدد و اقامة الهيئات التي تضمن سير و تنفيذ هذا المشروع الانتقالي. يجب أن تعلم جميع القوى الآن أن لا أحد منها لديه القدرة على فرض رؤيته و لا أحد منها سيستفيد من وضع الانفلات و التعفن المتزايد للوضع القائم. و أن فقط مكاشفة شفافة و ليس في الكواليس من مراكز قوى غير معروفة هي الحل المناسب للجميع
-تشكل القوى الشعبية و الشبابية لجانا مدنية جديدة تحت إشراف وزارة الداخلية و وزارة الدفاع لملئ الفراغ الأمني و ضمان سير الحياة العادية (من منع عمليات السطو و الانتصاب الفوضوي الى جمع الفضلات) هذا إلى أن تسترجع مؤسسات الدولة. هذه اللجان المدنية هي ضمان روح الثورة و يجب أن تعيد إقامة اعتصام مطول و كبير في قلب العاصمة لو فشلت القوى السياسية في ايجاد صيغة توافقية.
-تجند الجميع قوى الثورة و الاعلام لشن حملة اعلامية و ميدانية ضد الانتهازيين و الميليشيات الاجرامية التي تريد فرض أجندة استهلاكية للثورة. أجندة توزيع الغنائم و تقسيم الكعكة.
الفرجة و السلبية و عدم القيام بأي شيء سيرجعنا الى نقطة الصفر. القوى المضادة للثورة هي أحيانا القوى المعادية علنا للثورة و هي أحيانا الأكثر تكلما باسم الثورة و لكن هي أحيانا أخرى القوى الأكثر سلبية
بقلم:Yassine Abdelkefi
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق